ابيض ....واسود

هما سيدا الألوان ، وهما النقيضان , وهما الخيطان اللذان

لا بديل عنهما لحسم قرار

طلوع النهار .........

هما الشباب الفاحم والشيب الفاضح

هما النقاء الحميم والحقد المحموم

هما ثوب الزفاف وثوب الحداد

هما النصفان المتحالفان للقمر لتشكيل اهلة ومواقيت للناس والحج

هما بياض العين وبؤبؤها لصناعة متعة نعمة البصر !

الكثيرون يعتقدون في حتمية اتخاذ موقع محدد

على احد طرفي تلك " المنظومه اللونيه "

وينادون بمبدأ أن الحياة والاشياء والمواقف والمبادئ إما أن تكون حتماً ابيض

وإما حتماً أسود ! بينما يتبنى كثيرون _ أيضاً _ الموقف الناقد والمسفه لأولئك

المتشددين ... الذين يتعصبون للمواقف الطرفيه أو المتطرفه ، وحجتهم في موقفهم

هذا أن الحياة وجهات نظر ، وأن ما تراه عيناك أبيض قد تراه عيون الآخرين أسود

وإننا في زمن ثراء التلفزيون " الملون "





الأجمل كثيراً من تلفزيون الفقر " الابيض

والاسود " ! .... وأن الحل التوافقي يكمن عند تلك

المنطقه " الرماديه " التي تمثل الصيغه المعقوله للاتفاق بين المتناحرين , خصوصاً

عندما يكون موضوع التناحر خلو من نص قرآني أو حديث شريف يحسم أمره !

وهناك آخرون يقولون إن الأبيض والأسود هما معتنقا البدايات الشابه المتشدده

قبل أن يحدث ذلك " التخفف " الطبيعي في المواقف كنتيجة للخبره ،حيث يتنازل

عندها أولئك الذين عركتهم تناطحات الأبيض والأسود بين شقي رحاها ... فيسعون

إلى المساحه الرماديه للاستراحة ، حيث لا يعانون عندها من إحساسهم .... بغربة

أفكارهم ومعتنقاتهم !







والسؤال يكاد يلح الآن عن القول الفصل في هذا

العراك اللوني :

هل ندعو إلى ضرورة تحديد الملامح بين هذين الخيارين الأوحدين ،أم نقبل بصيغة


" الرماديه المريحة " كبيان مشترك نصدره على لسان المتفاوضين على ما ئدة قضايا

الحياة اليوميه ؟

والجواب أنه في الحق الأبيض أو الأسود ولو كره "

الرماديون "وأنه الأبيض أو الأسود

ولو اتهمونا بالتطرف الفكري ! وإنه الأبيض أو الأسود ، ولو أصبح ما بيننا وبين العالمين

خراب ! وأنه الأبيض و الأسود ... رحمة بنا وبكم من ميوعة المواقف

وحدة الاقوال والافعال !







فالأبيض يعني انك صادق، والأسود يعني إنك كاذب،

والرمادي يعني أنك"ملاوع"اجتماعي

الأبيض يعني أنك شريف والأسود يعني انك لص والرمادي يعني أنك

"تجيد فن انتهاز الفرص "

حيث قناعتك أنها لا تأتي إلا مرة واحدة !فالتلون نفاق ،حيث لا تفعل الألوان سوى أنها

تقبح الأبيض وتجمل الأسود ، ومن الظلم أن تشوه الجميل ونزيف القبيح .

والحلال "الأبيض "بين ... والحرام " الأسود " بين ... وعلينا أن نتقي مواطن الشبهات

" الرماديه " .



وأخيراً ... لا نملك إلا أن نقول لكم أيها " الرماديون " :

استفتوا قلوبكم

ونحن راضون بالنتيجه !